يعد مفهوم الوطن من المفاهيم المهمة والمفصلية في منظومة الفكر البشري، لما له من آثار وتداعيات على صعيد العلاقات بين الامم والشعوب. وقد دار حوار بين الأوساط الدينية عما إذا كان هناك تعارض بين الولاء العاطفي للوطن وبين الموقف الشرعي منه حيث ادعى البعض كمحمّد سعيد العشماوي (١٩٣٢-٢٠١٣) وجود تعارض بينهما؛ وان الإبقاء على الموقف الشرعي يفضي إلى تقويض الولاء الوطني، الأمر الذي نفاه التيار الديني، مدعيًّا ان الموقف الشرعي ليس على الضد من الولاء الوطني، فلا تعارض ولا جدلية بينهما؛ لاعتقادهم بأنهما يرجعان إلى مصدر واحد وهو الفطرة الإنسانية السليمة ويدل عليه قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْديلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} . نعم ان الموقف الشرعي يكون على الضد من الولاء الوطني إذا خرج عن حدّ الاعتدال والاتزان؛ لان الهدف من تعدد الأوطان والقوميات القاطنة فيها هو التعارف بينها لا التناكر والتناحر، قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ} .