التاريخ بوصفه مجموعة نصوص مدونة عبر زمان ومكان متباينين، هو عبارة عن المسافة الزمنية الممتدة بين وقوع الحدث وبين زمن تدوينه، فكلما امتدت المسافة بين زمن وقوع الحدث وبين زمن تدوينه، كلما وجدت الثقافات مساحتها الكافية للدخول مما يسفر عن تغيير صورة الحدث بما يتلاءم مع ثقافة الناقل الشفاهي والمؤرخ المدون لذلك الحدث. والمسافة الزمنية بين زمن وقوع الحدث وزمن تدوينه امتدت لاكثر من قرن في مدوناتنا التاريخية العربية، فحفظت أحداثاً وتناقلتها شفاهياً وأغفلت أحداثاً أخرى، كما أنها احتفظت بعلاقتها الطردية بين الامتداد الزماني وبين الكم الداخل من الناقل للاخبار والاحداث.
إن علاقة الحدث وتأصيله في الواقع علاقة تكاد تكون وهمية، لأن الحدث المدون لا يكن ان يكون غير إشارات ودلائل في نصوص حفظتها الكتب، أما الواقع فهو ما موجود فعلاً شاخص واضح جلي كالآثار والنقوش مما يؤصله كواقع لا كمدونة تناقلتها ثقافة ناقل شفاهي وسطرتها رؤى وقناعات مؤرخ.