أن الاقليات الدينية والعرقية لابد أن تكون لها أهتمام من قبل السلطات الحاكمة في أي بلد ما ، لان ذلك يتعبر من مقومات الدولة الرصينة والشرعية ، لذا على الحكومة المحافظة على تلك الاقليات داخل المجتمع العراقي ، ففي هذه الدراسة تم تسليط الضوء على أحداث عام 1969 ، وخاصة المحاكمات والاعدامات التي حدثت في تلك الحقبة بحق بعض الاقليات وبالاخص اليهود ( أعدام الجواسيس اليهود) ، وأخذت تلك الحادثة بعداً سياسياً موقفاً دوليا كان له تداعياته السياسية والاعلامية على العراق ، وخاصة التدخلات الخارجية وجهود الولايات المتحدة الامريكية السرية للتدخل بشؤون الداخلية في العراق ، وكان قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذُ نكسة حزيران 1967، سبباً في أتخاذ الولايات المتحدة الامريكية العمل بشكل سري من أجل أعادة العلاقات الدبلومسية انذاك ، من أجل مصالحها الاقتصادية في العراق لما يمثلة العراق من مكانه أقتصادية وسياسية في الشرق الاوسط  لمتلاكه النفط والموارد الاخرى .

      أما داخلياً فقد كانت الاقليات وبالاخص الاقلية اليهودية تعيش بحالة من التوتر والشك من قبل الحكومات منذُ عام 1948 ، خاصة فيما ما يخص التشكيك بنواياهم الوطنية ، لذا كان موضوع الاعدامات في العراق موضوعاً حساساً أو ليس موضوعاً عابرا، فقد اتخذت الماكنة الاعلامية الاسرائيلية فرصة سانحة من أجل التشجيع على هجرة اليهود العراقيين الى أسرائيل ، فضلاً عن الموقف الامريكي السري وتدخلاته في تحسين أوضاع اليهود داخل العراق، واتخاذ تلك الحادثة ذريعة لاعادة العلاقات بين البلدين ، وعلى الرغم من من الجهود الحثيثة التي بذلتها الولايات المتحدة الامريكية ، التي أدت الى هروب العديد من اليهود خارج العراق ، الا أن تلك الجهود أصطدمت في كثير من الاحيان بعقبة قطع العلاقات مع العراق ، لذا كانت تعمل بشكل سري عن طريق دول اخرى لضغط على الحكومة العراقية لتخفيف قبضتها على الاقليات في العراق ، والجدير بالذكر بأن تلك الحادثة أتخذتها الحكومة البعثية غطاءاً وشعاراً قومياً عربياً ، وفي نفس الوقت يمثل رعباً للمعارضين من الاحزاب السياسية والعسكرين المناوئين للسلطة البعث  ، تعد هذه الدراسة محاولة جادة لفهم الموقف الامريكي من الاعدامات والمحاكمات التي طالت بحق الاقليات العراقية عام 1969، وما تلاها من الاجراءات مشددة التي أتبعتها الحكومة العراقية بحق اليهود .