على الرغم من إصدار مرسوم تحرير اليهود عام 1812 الا انه لم يؤد الى حدوث اندماج مجتمعي بين اليهود والالمان، الامر الذي دفع حكومة بروسيا منذ أواخر القرن التاسع عشر للبحث عن وطن قومي لليهود في فلسطين على اعتبار انها ارض الميعاد المتفق عليها بين جميع اليهود . لم تتغير هذه السياسة طوال الفترة الممتدة من عهد الامبراطورية التي اعلنت مع الوحدة الألمانية عام 1871 مرورا بالحرب العالمية الأولى وحتى جمهورية فايمار التي انتهت على يد حزب العمال الوطني الاشتراكي الالماني والذي يعرف اختصارا بالحزب النازي. لم تكن ألمانيا الهتلرية هي الآخرة بعيدة عن هذه السياسة التي جاءت منسجمة مع ايديولوجية الحزب لتنظيف المجتمع الألماني من اليهود لأنهم أقل رقيا من الجنس الاري–حسب الفكر النازي- ،ووجودهم كان من اهم اسباب انحطاط الامة الالمانية. فقد شهد الحكم النازي لأول مرة إجماع حكومي على أن تكون فلسطين هي الواجهة الأساسية لليهود الألمان وارتبط هذا التوجه في بداية الأمر بالأقناع والتحفيز عن طريق التعاون مع الحركة الصهيونية بتنظيم الهجرة الى فلسطين عن طريق توقيع اتفاقية التهجير او ماتعرف بالتسفير(الهاعفارا) عام 1933 بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية ،لتتخذ هذه السياسة بعد عام 1933 سياسة القسر والتنكيل لتنظيف ألمانيا من اليهود ودفعهم للهجرة الى فلسطين .وقد كان لهذه السياسة مردودات سياسية واقتصادية انعكست ايجابا على مشروع الحركة الصهيونية في بناء دولتهم في فلسطين.
لذلك فأن هدف هذه الدراسة اظهار اسس التقارب الفكري والايديولوجي بين الحزب النازي من جهة و الحركة الصهيونية من جهة اخرى، والذي أضفى الى تعاون عملي بين الطرفين لخدمة مصالحهم الايديولوجية لاسيما ما يتعلق منها بتشكيل دولتهم وفقا لنظريتهم السياسية في تشكيل الدولة.ولاثبات دور ألمانيا لاسيما خلال العهد النازي لدعم نشاط الاستيطان اليهودي في فلسطين . سوف تتناول الدراسة الجذور التاريخية لطبيعة العلاقات الالمانية اليهودية في مراحل تاريخ الدولة الالمانية المختلفة، بدأ من العهد الامبراطوري والعهد الجمهوري الى لعهد النازي موضوع البحث والذي اتخذ شكل اكثر عملية في تنفيذ سياسة التهجير بموجب معاهدة التهجير او ما تعرف بمعاهدة الترحيل (الهاعفارا).