يعد تنظيم المال العام والرقابة المالية وهو من اساسيات الاقتصاد الاسلامي , وقد كانت التنظيمات المالية في عهد الرسول صلى الله عليه واله وسلم من اولياتها التأكيد على اهمية العمل , وعدم تأخير العطاء حيث كان لا يبقي مالا وكان يوزعه حال استلامه ولا يدعه ليلة واحدة في داره , وكان ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب يوزعون الاموال حال استلامها وكذا اهتدى الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم من بعده , حيث كانوا لا يحتفظون بإي فائض من المال للاعوام التالية وانما كانوا يتعبرون ابقاء الاموال في ذلك الوقت نوعا من الاستئثار بالاموال .
وكان التنظيم الاداري المالي في العهد النبوي الشريف بسيطا يتناسب مع صغر الدولة ووارداتها , وهذا يدل على مرونة التنظيم وملائمته للواقع , وكان يرسل السعاة بنفسه ويحاسبهم بنفسه ايضا , واسس اقتصاديات الزكاة والصدقة وموارد صرفها , وقسم اقتصاديات الغزوات والفتوحات من موارد متعددة من الغنائم والفئ والجزية والفداء .
وارتبط التنظيم الاداري للدولة بالتنظيم المالي فان الرسول صلى الله عليه واله وسلم كان النواة الاولى للجهازين المالي والاداري وشؤون السياسة الداخلية والخارجية , ويتضح من العدد الكبير من الكتبة والاداريين والمحاسبين الذين كلفهم بتدوين وكتابة الوقائع والعهود وخاصة التي كانت ترسل الى الملوك ورؤساء الاجناد لتبليغ رسالة الاسلام او الخيار بين الجزية والقتال , وشملت مواثيق ومعاهدات مع النصارى واليهود وعقود مع القبائل وكُتب الامان الى الملوك والامراء : ( الروم , والفرس , والحبشة, ومصر, وعمان ,واليمامة , والبحرين , والشام , وغيرها...) , وكان الهدف منها اقامة العلاقات والتبادل التجاري والدعوة الى الاسلام وتأمين الطرق التجارية .
وقد اكد الرسول صلى الله عليه واله وسلم على حق رقابة الحاكم على الرعية , ولا تقتصر الرقابة المالية على الرعية من المسلمين بل انها تشمل عموم مواطنين الدولة , وكل القاطنين ارضها , فقد تدخل في اموال بني النضير عندما اجلاهم وبني عبد القيس وغيرهم , وكان صلى الله عليه واله يراقب على بعض الممارسات العملية في الممارسات المالية لعقود التجارة والزراعة والحرف , ورقابته على الواردات الاخرى من جباية الزكاة وصرفها من حيث التقسيم الاداري لمناطق التمويل او التخصص من حيث ممارسة الجباية والتوريع وتطبيقها , وتنطلق رقابة الرسول صلى الله عليه واله على اموال المسلمين من وظيفته الاساسية بتطبيق احكام الشريعة .