انصبت جهود مصطفى كمال اتاتورك إلى تخليص تركيا من المخاطر الخارجية المكتنفة بها، وفعلاً تكللت جهوده بالنجاح، إذ قامت الدول الغربية بالاعتراف بالجمهورية التركية. وما ان استتبت الامور في داخل تركيا، حتى قام  اتاتورك بالتقرب من الغرب، عن طريق اتباع سياسية تحديث بواسطة تنفيذ مجموعة من القوانين التي اصدرها في هذا الشأن، إذ قام بتبديل الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية، وإلغاء الخلافة، وتغير قانون الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين. فقد كان يعتقد ان تطبيق هذه الامور في السياسة الداخلية؛ كان يعني من وجه نظره التقرب من العالم الغربي عن طريق تبني المدنية الغربية، وبذلك استطاع اتاتورك وطيلة مدة حكمه في مطلع العشرينيات من القرن العشرين إلى وفاته عام 1938، ابعاد تركيا عن طابعاها الشرقي.

جاء هذا البحث ليسلط الضوء ولو بشكل موجز على مسارات السياسية التركية للأعوام ( 1939- 1960)، إذ مثل التأريخ الاول نشوب الحرب العالمية الثانية الذي تزامن مع تولي عصمت اينونو السلطة، إذ نهج سياسة سلفه اتاتورك في السياستين الداخلية والخارجية ؛ بينما مثل التأريخ الثاني حدث اول انقلاب عسكري في تركيا المعاصرة ، في 27 أيار 1960 ، والذي تلاه الكثير من الاضطرابات السياسية والاقتصادية.

قسم البحث إلى ثلاثة محاور رئيسة، تناول المحور الاول موقف تركيا من اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ذلك الموقف الذي كان بمثابة نقطة الانطلاق لتركيا في تحولها نحو الغرب الاوربي، بينما تطرق المحور الثاني إلى سياسة تركيا الداخلية 1945-1950، والذي ناقش بشكل موجز التطورات الاقتصادية  الزراعية والصناعية والتجارية في تركيا، في حين درس المحور الثالث اوضاع تركيا عقب تولي الحزب الديمقراطي السلطة 1950-1960، إذ وضح سياسة الحزب الديمقراطي طيلة عشر سنوات، كما الاشارة الى ابرز المشاكل الداخلية التي عانت منها تركيا في تلك المرحلة.