مدينة بونت دراسة في التاريخ السياسي
...Show More Authors
- من خلال دراسة المصادر الأثرية يتبين لنا أن العلاقات التجارية بين مصر وبلاد بونت تعود إلى الفترة التي عرفت عند علما الآثار بثقافة المجتمعات الساحلية في جنوب الجزيرة وهي مجتمعات بشرية مستقرة ذات نمط معماري ونشاط اقتصادي منها (سيهي، الهامد (تهامة) ، صبر، الجول، شعب منيدر) ، التي كان لبعضها علاقات تجارية مع الساحل الأفريقي.
- ان الغموض يكتنف نوعية النظام السياسي لبلاد بونت لقلة الأدلة ، وعدم وجود اتفاق بين الباحثين فمرة يذكر (برحو) رئيس بونت ، ومرة ملك بونت، واخرى عظيم وزعيم ، كما في نصوص معبد الدير البحري (1490ق.م)، وهي الفترة التي لم تكن قد شهدت ظهور ابجدية جنوب الجزيرة.
- نرى أن بلاد بونت تسمية اطلقها قدماء المصريين على أهم مناطق اللبان والمر، وليس بالضرورة ان تشمل التسمية شعب بونت، لأن المصري القديم غنى بالتسمية (منتجات الأرض المقدسة) التي تقدم للآلهة ، ودليلنا على ذلك انه لم ترد هذه التسمية عند أي من ممالك العالم القديم التي كانت تستخدم اللبان والمر، وذلك يعني ان دلالة التسمية قصد بها قدساة المكان وأهمية المنتج في الحياة الدينية والاجتماعية والجنائزية.
- كانت البعثات التجارية تسلط طريق البحر الأحمر عبر وادي الحمامات، للوصول إليها ، وكانت تجلب المنتجات من شواطئ هذا البحر حول (باب المندب) بالقرب من عدن، اذ كان الوسطاء أهل المنطقة يجلبونها لبيعها بأسعار مرتفعة على الرغم من انها غير طازجة ، ومن المرجح وجود علاقة بين هؤلاء الوسطاء الذين يخشون فقدان ربحهم ووصول المراكب المصرية بأمان لمناطق اللبان الطازج والمر، وهي منطقة (حضرموت، المهرة ، سقطرة)، بسبب مبالغتهم في وصف خطورة الابحار في المحيط، وربما ذلك يذكرنا بما كان يقوم به تجار القوافل من نشر الأساطير والخرافات لحماية تجارة اللبان والمر في الألف الأول قبل الميلاد، ومع ذلك فقد ظل المصري يبحث عن السبل للوصول إلى مناطق اللبان الطازج منذ الدولة الوسطى حتى عهد حتشبسوت ، حيث تمكنت بعثتها بمراكبها الكبيرة من الوصول إليها.