كانت واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام حدثاً بارزاً في التأريخ الإسلامي والإنساني، ترك آثاره على النواحي السياسية والعسكرية والفكرية والاجتماعية في التاريخ الإسلامي، مما وفر الدافع لعدد كبير من المصنفين أن يتناولوا هذا الحدث التاريخي في كتب مستقلة أو في ثنايا مصنفاتهم سرداً أو تحليلاً ومن بين هؤلاء المزي الذي جاء في النصف الثاني من القرن السابع الهجري من خلال تأليف كتاب( تهذيب الكمال في أسماء الرجال) اذ يعتبر موسوعة في علم الرجال والجرح والتعديل، فهو عندما يترجم للرجال يلاحظ القارئ تباينا في الترجمة من حيث الطول والقصر في كتابه، ويعود ذلك الى امرين أساسيين، احدهما: أهمية ومكانة صاحب الترجمة، وثانيهما وفرة المادة المعتمدة للمترجم له، كما هو الحال لترجمته للإمام الحسين عليه السلام، وقد سار المزي كغيره من الاعلام في تبيان موارده ومنهجه في كتابه تهذيب الكمال، فانه لم يستخدم الاسلوب القصصي؛ بل انه كان يصيغ العبارات بصياغة محكمة تدل على مدى الثقافة والسعة التي كان يتمتع بها المؤلف حيث انه اشار الى كل موردا اعتمد عليه، اذ تناول المزي شخصية الامام الحسين في جزئه السادس من كتابه، حيث ذكره حياة الامام الحسين عليه السلام، وتخللتها روايات متفرقة عن حياة الامام، ابتدأت من ولادته واحاديث الرسول صلى الله عليه واله وسلم بحقه حتى استشهاده، فالمزي عندما كان يترجم للإمام الحسين لا يهتم فقط بالنسب والحالة الاجتماعية له بل ذكر اغلب الروايات التي تتعلق بمقتل الامام الحسين (عليه السلام)، وصل به الامر حد الاسهاب في ذكر المعاجز التي حدثت بعد استشهاد الحسين بن علي (عليهما السلام)، وختاما يمكن القول ان كتاب تهذيب الكمال يحتاج إلى دراسة شاملة وتحليل نقدي بناء لجميع نصوصها سندا ومتناً ومقارنتها بالنصوص المتقدمة لها والمتأخرة عنها، وفي نفس الوقت انه لم يرجح او يضعف أي رواية اينما وجدت، واقصد بذلك فيما يخص بحثنا.